خرج طبيب جراح مشهور واسمه سعيد من بيته على عجل
كي يذهب الى المطار للمشاركة في المؤتمر العلمي الدولي
الذي سيلقي بحثا فيه وسيلقى تكريما من أكاديمية
الجراحين العالمية على انجازاته الفريدة في علم الطب
كان متحمسا جدا ولم يصدق انه وصل الى المطار
دون عوائق في الطريق وصعد الى الطائرة وأقلعت وهو يمني
النفس بالتكريم الكبير الذي حلم به طوال حياته المهنية ,
وفجأة وبعد ساعة من الطيران جاء صوت مضيفة الطيران
لتعلن إن الطائرة أصابها عطل بسبب صاعقة
وستهبط اضطراريا في اقرب مطار .
توجه الى استعلامات المطار وقال:
أنا طبيب عالمي مشهور كل دقيقة من وقتي تساوي أرواح ناس
وانتم تريدون ان ابقى 16 ساعة بانتظار طائرة ؟
هناك مؤتمر عالمي يجب ان اصل اليه .
اجابه الموظف دون اكتراث :-
يا دكتور لست انا من يقرر مواعيد الطائرات
ولكن اذا كنت مستعجل لهذا الحد فيمكنك استئجار سيارة
والذهاب بها فالمدينة التي تقصدها لا تبعد عن هنا
سوى 3 ساعات بالسيارة .
رضي سعيد على مضض فهو لا يحب القيادة لمسافات طويلة
واخذ السيارة وظل يسوق وفجأة تغير الجو وبدأ المطر يهطل
مدرارا واصبح من العسير ان يرى اي شيئ أمامه ولم يتنبه
الى المنعطف على يمينه وظل مستمرا بالسير الى الامام
وبعد ساعتين من السير المتواصل ايقن انه قد ضل طريقه
واحس بالجوع والتعب فرأى امامه بيتا صغيرا
فتوقف عنده ودق الباب فسمع صوتا لامرأة عجوز يقول:
تفضل بالدخول كائنا من كنت فالباب مفتوح
دخل سعيد وطلب من المرأة العجوز الجالسة على كرسي متحرك
ان يستعمل تلفونها لان بطارية الهاتف النقال قد نفذت
ضحكت العجوز وقالت
اي تلفون يا ولدي ؟ الا ترى اين انت ؟
هنا لا كهرباء ولا ماء حنفية ولا تلفونات
ولكن تفضل واسترح وصب لنفسك فنجان شاي ساخن
وهناك طعام على الطاولة كل حتى تشبع وتسترد قوتك
فأمامك طريق طويل يجب ان تعود منه .
شكر سعيد المرأة وجلس يأكل بينما كانت العجوز تصلي وتدعي
وانتبه فجأة الى طفل صغير نائم بلا حراك على سرير قرب العجوز
وهي تهزه بين كل صلاة وصلاة .
استمرت العجوز بالصلاة والدعاء طويلا
فتوجه سعيد لها قائلا :
يا أم والله لقد اخجلني كرمك ونبل اخلاقك واغاثتك الملهوف
وعسى الله ان يستجيب لكي دعواتك .
قالت له العجوز:
يا ولدي انت ابن سبيل اوصى بك الله كل من في قلبه ايمان
و اما دعواتي فقد اجابها الله سبحانه وتعالى كلها الا واحدة
ولا ادري ما السبب ولعل ذلك بسبب قلة ايماني .
قال لها سعيد :
وما هي تلك الدعوة يا أم ؟
الك حاجة في نفسك فاقضيها لك ؟ فانا مثل ولدك
قالت العجوز :
بارك الله بك يا بني ولكني لست بحاجة لشيئ لنفسي
اما هذا الطفل الذي تراه فهو حفيدي وهو يتيم الأبوين
وقد اصابه مرض عضال عجز عنه كل الأطباء عندنا
وقيل لي ان جراحا واحدا قادر على علاجه يقال له سعيد
ولكنه يعيش على مسافة كبيرة من هنا ولا طاقة لي
باخذ هذا الطفل الى هناك واخشى ان يأخذ الله أمانته
ويبقى هذا المسكين بلا حول ولا قوة
فدعوت الله كل يوم وليلة ان يسهل امرى
وأجد طريقة اعرض بها هذا اليتيم على الدكتور سعيد
عسى الله ان يجعل الشفاء على يديه .
بكى سعيد وقال :
يا أم والله لقد طرت وسرت وعطلت الطائرات
وضربت الصواعق وأمطرت السماء كي تسوقني اليك سوقا
فو الله ما ايقنت ان الله عز وجل يسبب الأسباب لعباده المؤمنين
الا في بيتك هذا فو الله أنا سعيد ...
فبكت العجوز وقالت: سبحان الله ما أعظمك يا ربي